يعتبر حارس المرمى نصف الفريق، والعنصر الأهم بين بقية اللاعبين على البساط الأخضر؛ حيث تتكسر بين قفازيه أحلام المنافسين، فحراس المرمى لا يدافعون عن نظافة الشباك فحسب، بل أسود يحمون كبرياء قلاع أنديتهم من الاهتزاز، ولا تصعد الأندية لمنصات التتويج سوى بوجود حارس مميز يقف بين الخشبات الثلاث، ولئن مركزه حساس، فقدره أن تكون هفوته كلفتها مرتفعة على فريقه، ومن الصعب أن تغتفر، وإن أبدع طوال اللقاء! غير أن لغة الأرقام والإحصائيات دائماً ما تنصفهم، على الرغم عما يتقاضونه من رواتب شهرية وعقود سنوية تعتبر الأقل بين زملائهم بالفريق.
وكان كثير من الحراس في المنافسات السعودية، خلف الإنجازات، وتحقيق طموحات عشاق ومحبي أنديتهم، وعلى العكس تماماً كان منهم من تراجع مستواه، وتسبب في تراجع فريقه على سلم الترتيب، والابتعاد عن المنافسة على البطولات، حتى وجد نفسه خارج خيارات الأجهزة الفنية في القائمة الأساسية، وحبيساً في دكة البدلاء، سواء على مستوى الحراس المحليين أو الأجانب في دوري المحترفين السعودي، فمنهم من قاتل للاحتفاظ بخانته، وكان له ما أراد، وآخرون واجهوا صعوبة بالغة في حماية الشباك والدفاع عن ألوان فريقهم، فكانوا أول المبعدين.
وشهد هذا الموسم تفوق الحارس المحلي في دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين السعودي على الحارس الأجنبي؛ حيث يذود عن شباك أصحاب المراكز الخمسة الأول حراس محليون، يتقدمهم عبد الله المعيوف حارس الهلال متصدر الترتيب، وعبد الله الجدعاني حارس الوحدة الذي يقف في المركز الثالث، وياسر المسيليم حارس الأهلي في المركز الرابع، وقبله محمد العويس أبرز الغائبين بداعي الإصابة، وحلّ الفيصلي في المركز الخامس، ويقف في مرماه مصطفى ملائكة، ومن بين هذا الخماسي أجنبي وحيد يدافع عن ألوان النصر، وهو الأفضل على القائمة.
حارس النصر الأسترالي بردالي جونز واصل تميزه للموسم الثاني على التوالي في حماية عرين الفريق العاصمي، ويعتبر الأقل بين حراس المرمى استقبالاً للأهداف؛ حيث لم يلج مرماه سوى 16 هدافاً منذ بداية المسابقة، والأعلى في نسبة الحفاظ على شباكه نظيفة في 10 مباريات في الـ22 مباراة الماضية، وكان لتوهجه في القسم الأول من الدوري دور في تصدر فريقه جدول الترتيب؛ حيث لم يلج مرماه سوى 6 أهداف.
بيد أن الدور الثاني شهد تراجع أداء الأسترالي، وقبل 10 أهداف في 6 مباريات، هدف من ضمك، ومثله من الفتح، وهدفان من الشباب، ومثلها من الأهلي، قبل أن يستقبل 3 أهداف في مباراة الفيصلي، قبل الأخيرة، التي خسرها فريقه، وهي المرة الأولى الذي يقبل النصراويون 3 أهداف هذا الموسم، ما تسبب في خسارة النقاط وتراجعهم لوصافة الترتيب بفارق نقطي كبير عن الهلال المتصدر، ولم يحافظ الأسترالي على شباكه نظيفة في القسم الثاني سوى في مباراة وحيدة أمام الحزم، انتهت بهدفين نظيفين للنصر.
ويزاحم الوطني عبد الله المعيوف الأسترالي برادلي جونز على الأفضلية، إذ لم يستقبل حارس متصدر الترتيب سوى 19 هدفاً، واستبسل في الذود عن شباك نظيفة في 7 مباريات، وعلى العكس تماماً من حارس النصر، شهد القسم الثاني تألق حارس الهلال، ولم يلج مرماه سوى 3 أهداف، وحافظ على نظافة شباكه في 402 دقيقة على التوالي، ولم يتلق أي هدف خلال 4 مباريات على التوالي، في لقاء الفيحاء والاتفاق والاتحاد والتعاون، قبل أن تهتز شباكه في مواجهة ضمك الأخيرة.
كما دخل هذا الموسم عبد الله المعيوف التاريخ من أوسع أبوابه، وسجل اسمه من بين الحراس الذين استطاعوا التسجيل في الدوري السعودي للمحترفين، بعدما قاد فريقه لانتصار مثير مطلع القسم الثاني على ضيفهم الرائد، واستطاع المعيوف التصدي لركلة جزاء في الوقت بدل الضائع من اللقاء، ليبقي على تقدم فريقه، 2 – 1 قبل أن يتحصل فريقه على ركلة جزاء في الرمق الأخير، ويتقدم لها وينفذها بنجاح، كما أسهم بشكل لافت في تتويج فريقه ببطولة دوري أبطال آسيا، قبل أن يجدد الهلاليون عقده 3 مواسم مقبلة.
وعلى الرغم من وجود 10 حراس أجانب في الدوري السعودي للمحترفين، فإن مصطفى ملائكة حارس الفيصلي استطاع التفوق عليهم، فلم يلج مرماه سوى 26 هدفاً في الجولات الـ22 التي شارك فيها بصفة أساسية مع فريقه، كما حرم المنافسين في 7 مباريات من الوصول لمرماه، وكان خلف تفوق فريقه في كثير من المباريات، آخرها تألقه أمام النصر، وصيف المتصدر، وتصديه لأهداف محققة؛ حيث يعتبر من أكثر اللاعبين في التصدي لأهداف محققة.
وسيبقى هذا الموسم راسخاً في ذهن ملائكة، وفي أذهان محبي وعشاق الفيصلي؛ حيث أحرز ملائكة هدفه الأول في تاريخه الرياضي، وأنقذ فريقه من خسارة محققة، حينما حوّل كرة رأسية في الوقت بدل الضائع في شباك الفتح، وأحرز هدف التعديل لينضم إلى المصري عصام الحضري حارس التعاون سابقاً، وعبد الله المعيوف حارس الهلال، المسجلين في الدوري السعودي، لكن ملائكة أحرز هدفه من كرة رأسية، بعكس الحضري والمعيوف من نقطة الجزاء.
ويقابل تألق هذا الثلاثي تراجع حراس آخرين، ويعد الجزائري فاروق بن مصطفى من أكثرهم؛ حيث استقبل في مواجهتين في القسم الثاني 9 أهداف؛ 5 من الاتحاد و4 من النصر، بعدما كان الأفضل في الموسم الماضي، وشهدت فترة الانتقالات الشتوية استغناء العدالة وضمك والوحدة عن الحراس الأجانب لتواضع أدائهم، كما لحق بهم الفتح الذي «ركن» حارسه الكرواتي ماكسيم كوفال على دكة البدلاء، بعد النتائج المخيبة التي رمت الفتح في مركز متأخر على سلم الترتيب، قبل أن يستعين الجهاز الفني بالوطني الشاب حبيب الوطيان، ومع الأخير تحسنت نتائج الفريق، وهو ما ينطبق على العدالة الذي اعتمد على الوطني علي المزيدي للهروب من شبح الهبوط.